لحظة مع التاريخ
شهدت منطقة الحي الحسني بداية التعمير في العقد الأخير من فترة الحماية، إذ كانت مجالا يغلب عليه الطابع القروي، وكانت عبارة عن حقول فلاحية يستقر بها بعض المعمرين الذين استولوا على الأراضي وأصبحوا يزاولون أنشطة فلاحية داخل ضيعات كبرى كان أشهرها ضيعة بروطون، وقد شيد هذا الحي ما بين 1948 و1949 في الموضع نفسه الذي كانت توجد فيه ضيعة اميو التي رأت النور في سنة 1922 عند طريق مازغان.
وقد تمثل أهم تجمع سكاني رأى النور في حي فرارة الذي كان عبارة عن دور صفيحية يقطن بها بعض العمال المشتغلين بالمقالع وبعض الضيعات الكبرى المجاورة، وقد ظهر هذا الحي الصفيحي خلال بداية الخمسينيات من القرن الماضي خارج المدار الحضري، ولم يكن خاضع للقوانين التعميرية، إذ كان يأوي آنـــــــذاك حـــــــــــــــــوالــــــي 6000 نسمة.
أما الحي الحسني الحالي فهو في الأصل إنتاج مجالي جاء ليعوض الحي العشوائي المسمى بالدرب الجديد، والذي برز للوجود غرب مدينة الدار البيضاء خلال العقد الأخير لفترة الحماية، وكان يأوي حوالي 16000 نسمة قبل أن يتعرض لحريق مهول سنة 1958.
وقد جاء إنجاز المشروع السكني الحي الحسني في إطار إعادة إيواء قاطني دور الصفيح، وكان ذو وظيفة سكنية بالدرجة الأولى، ولم يكن له إذاك أدوار تجارية أو صناعية أو خدماتية.
وبالمقابل نجد حي بوسيجور وحي السيال اللذان ظهرا كمـجالين للسكن الراقي المخصص للمعمرين، وقد تم إنجاز هذين الحييـن ما بين سنتـي 1953 و1955من طـرف الهـيئة المسـماة C.I.L) Comptoir Inter-professionnel de Logement) ، وذلك تحت إشراف مصلحة التعمير الفرنسية، وكان الحيان في الأصل مخصصين للأطر الصناعية الأوربية المشتغلة بالمدينة، وعلى غرار أحياء أوربية أخرى كالمعاريف والصخور السوداء، كان حي بوسيجور وحي السيال يتوفران على كل المرافق العمومية الضرورية للاستجابة للمتطلبات اليومية: مركز تجاري، مدرسة مكان للتعبد ، مجالات ترفيهية ...
وحول هذه الأنوية الحضرية (الحي الحسني وبوسيجور والسيال)، تشكلت منطقة حضرية ما فتأت تتطور بشكل ملفت للنظر مما جعلها من أهم الأقطاب المتعددة الاختصاصات بمدينة الدار البيضاء.
وما التطور الديمغرافي الذي شهدته المنطقة منذ الاستقلال إلى اليوم إلا دليلا قاطعا على التحولات الملحوظة التي شهدتها المنطقة على جميع الأصعدة.